السيسي … يتألق

عندما أجد في جريدة كبرى أربع مقالات رئيسية تتحدث عن الجيش إثنتان تحملان إسم السيسي في عنوانهما ، فيجب أن أتوقف عند دلالة الحدث ، فقبل الثورة كانت الكلمة أولاً وأخيراً في “العسكرية” لضباط الشرطة ، وفي السياسة لمبارك الأب والإبن ، وظل الجيش وقياداته مجرد أسماء لا يعرف بعضها الكثير من الناس ، بل وصل الأمر بالبعض إلى أنه ظن أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدعة من بدع الثورة .

كان ضابط الجيش “شخصاً” ربما يحرجه ضابط شرطة صغير ، طبعاً تغير الوضع الآن حتى أن كثيراً من أبناء الجيل الجديد وضع من ضمن اختياراته أن يكون ضابط جيش ، بعد أن كانت بعض الأسر تنحي جانباً تلك الفكرة في عقول صغارها.

عندما أتخيل أن رؤساء مصر السابقين وهم أبناء هذه المؤسسة العريقة قاموا بتضييع القيمة العسكرية في قلب أجيال مضت ، ربما يستثنى السادات نظراً لحبه للمؤسسة ، إلا أن ما فعله حسني مبارك بهذه المؤسسة كفيل بأن نحمل السادات جزءاً من المسؤولية لأن هذا المبارك كان اختياره وحده.

إن ما فعله مبارك بصورة المؤسسة العسكرية وارتماؤه في أحضان المؤسسة الأمنية ، واستقواؤه بها يجب أن يكون درساً قوياً لأبناء الجيش وأظنه كذلك الآن.

إن الظهور المتكرر للفريق السيسي ، وأقطاب المؤسسة العسكرية ينم عن قراءتهم للدرس ، ودليل ذلك لدي صورتين :

الأولى : تخلي الجيش عن حسني مبارك مع ما كان فيه من خطورة على قادة الجيش السابقين على الأقل ، ومعلوم أن الحرس الجمهوري لوحده لو أراد وأد الثورة في مهدها لما استطاع أحد أن يقول له لماذا ولا كيف ولا أين .
الثانية هي مقابلة ظهور المشير طنطاوي بعد الثورة في مقابل ظهور الفريق السيسي الآن، فالأول أظهر بقوة أنه فقد كثيراً من لمسات العسكرية الشديدة بطبعها نظراً لطغيان صورة مبارك الأب والإبن على وجوده ، حتى أن صورة اللواء عمر سليمان الذي كان يقل عنه في الرتبة العسكرية كانت طاغية على صورة الرجل المفترض به أنه الرجل القوي الثاني في الدولة .

الصورة الحالية لقادة الجيش المصري أقل بكثير مما يجب أن يكون عليه قادة هذا الجيش العظيم ، ولكنها خطوات جيدة لإنهاء حالة العزلة التي عاشها الجيش ورجالة خلال العقود الماضية ، وهذا أمر يؤشر لمعطيات إقليمية ودولية سيكون لمصر ولجيشها دور مهم وربما يكون الأهم .

أضف تعليق