الأرشيف الشهري: فيفري 2011

دعوة لإنشاء الهيئة القومية للرأي العام

يوم أن خرج المصري ثائراً على الظلم والقهر والغباء والاستغلال وقلة حيلته وهوانه على نفسه وعلى الناس ، خرج يدافع عن رأيه أولا الذي حرم من الإفصاح عنه لعقود وربما لقرون ، ومن هنا كان لزاما عليه أن يحافظ على تلك الحرية التي انتزعها بالدم ، ووجب علينا جميعا أن نساهم كل في موقعه في ضمان أن يصل رأي وصوت كل مواطن ، وليس وصول الصوت فحسب بل وضمان حصوله على الرد سواء بالسلب أو بالإيجاب أو بوعد محدد المهلة بتنفيذه .

كثيرون سيعتبرون ما أسوقه الآن ضرباً من ضروب الخيال أو الوهم ، وكثيرون أيضا سيوافقونني الرأي ، ولهؤلاء الذين يرونه خيالاً أقول لهم ، وبرغم تأخر ثورة 25 يناير أعواما طويلة ، إلا أنها كانت ضربا من ضروب الوهم والخيال ، ليس لنظام الحكم المصري السابق فحسب – الذي تداعى وترنح في ساعات – وإنما حتى لكل أجهزة المخابرات في العالم التي لم تقع تحت أيديها أي إشارات أو معلومات قد تنبه بها مبارك ، وهذا ليس عبقرية من المصريين فحسب ، ولكنها دلالة على أن هذا الشعب وصل للنقطة الحرجة من الغليان التي لم يعد للنظام معها القدرة على السيطرة عليها.
ولذلك أقول بأن ضروب الخيال والمستحيلات يجب أن تكون من الآن وصاعدا أول وأهم خياراتنا ، ويجب أن نعتمد أسلوب تقدير أسوأ السيناريوهات قبل اتخاذ القرار وهذا شأن آخر ليس مجاله هنا ، ويجب أن ننهي مرحلة أن الدول المتقدمة تفعل ذلك ، فقد أثبتنا بأننا نستطيع أن نفعل مالم تفعله شعوب العالم ، ومن ردود الأفعال نعلم أن العالم كان يأسف على حالنا لعقود ، ولما انتفضنا أحسوا بأن الروح عادت ليس لنا فحسب ولكن لهم جميعا ، لهذا يجب أن نقدم لهم أفضل مافي جعبتنا نضعه على أرض الواقع في مصرنا الجديدة القوية ثم نصدره للعالم الحر .

بدأ كل من هب ودب يتحدث في كل المواضيع ، وأسوأ ما آلمني أن الكثيرين افترضوا أنهم أصبحوا أعضاء في لجنة صياغة الدستور ، متناسين بجهل أو بعلم أن علماء الدستور في مصر كان لهم اليد الطولى في إعداد دساتير أغلب الدول العربية ، وهم الذين علموهم كيفية صياغة القوانين بموادها وأحكامها ، ومن هنا يأتي ندائي لكل إخوتي في مرحلة إعداد الدستور أو تعديله – كما هي حالتنا مؤقتا- لايجوز لنا أن نحارب بعضنا في سبيل ماليس بيدنا الآن ، نحن ارتضينا من اليوم الأول قيادة الجيش ، بل أقول لقد إعفينا الجيش أن يقوم بانقلاب عسكري ، ونحن من قمنا بالانقلاب نيابة عنه وسلمناه السلطة بخواطرنا وفوضناه في كل أمورنا ، أما وهذا حالنا فإننا يجب أن نرتضي لجنته الدستورية ، وفي النهاية عندما نستفتى فإن مجموع رأينا هو الحكم الفصل في القبول والرفض وهذا هو دورنا الأوحد .

من هنا يجيء اقتراحي هذا بإنشاء الهيئة القومية للرأي العام ، هيئة شعبية مستقلة تقدم لها الحكومة الدعم المادي فقط بالنيابة عن الشعب ، دون تدخل في أعمالها أو رقابة على العاملين بها .

كنت في البداية سأقترح أن ينشأ لها مقرات مستقلة ، إلا أنني وجدت فرصة لاستغلال مقرات موجودة بالفعل وقائمة ، وهي أقسام الشرطة القائمة حاليا ، وأسباب اختياري لمراكزالشرطة متعددة :
– ردم الهوة التي حصلت بين الشعب ومقرات الشرطة والتي جعلت غالبية الشعب يقولون “نحن أولاد ناس مش بتوع أقسام بوليس” فصار قسم الشرطة في عقل كثير من الناس بيتا للشيطان ، ومن يعملون فيه أعوانا للشيطان الأعظم ، ومن هنا كانت الكارثة التي حلت بنا يوم 28 يناير يوم أحرقت الأقسام ومديريات الأمن في ساعات أقل من أصابع اليد الواحدة
– حتى يشعر الضابط وفرد الأمن بأن المقر ليس ملكاً له ، وإنما هو بيت لكل فرد من أفراد الشعب ، وأنه ماهو إلا خادم له مادام يقوم بمهمته ، ويجب هنا أن أنوه أننا يجب أن نرسخ في ذهن كل موظف عمومي إبتداء من رئيس الجمهورية حتى أصغر موظف أنه خادم لهذا الشعب ، مادام على رأس عمله ، وهذا ليس انتقاصا من قدره لكنه تكريم له وليس كلاما نظريا ، ولكنه الواقع لأنك يوم أن تكون خادما لعشرة آلاف أو مائة ألف من المترددين عليك ، فإن لديك لوحدك مليون خادم منتظرين أن يلبوا طلبك في أي نقطة من نقاط الوطن قد تصل إليها .
– أيضا أن يشعر الضابط و فرد الأمن بأن مايقوم به لم يعد سراً لايجوزالاطلاع عليه ، بل هو مراقب من كل فئات المجتمع ، والحديث عن سرية الإجراءات الأمنية يجب أن ينتهي بغير رجعة ، الأكيد أن الأمن الوطني لايناقش في داخل أقسام البوليس ، وإنما لديه أجهزة متخصصة تعمل عليه كالمخابرات العامة ، والمخابرات العسكرية ، وبالتالي مايحدث في أقسام الشرطة يجب أن يكون معروفا للجميع ، وماترى الجهات الأمنية أنه سر لايطلع عليه العامة فيجب أن يكون بإشراف القضاء ، ويجب من الآن أن يعلم جميع العاملين بالجهات الأمنية إبتداء من وزير الداخلية حتى أخر فرد في السلم الوظيفي الأمني ، أنه يوم لبس هذا الزي أصبح معرضا للمساءلة عن كل صغيرة وكبيرة في خلال عمله ، إذا قبلت الشرطة هذا الشرط من التعاقد فبها ونعمة ، وإن لم تقبل فليعلموا بأن الشعب كما أزاح نظاما رئاسيا بأكمله وسيأتي بغيره ، قادر على إزاحة نظام شرطي بأكمله أيضا وسيأتي بغيره ، الشعب الذي أثبت بإمكانياته الأمنية المتواضعة وفي الظرف الاستثنائي لمدة عشرين يوما أنه قادر على حماية نفسه ، وقادر على تنظيم مروره بكفاءة تفوق ماكانت تقدمه الداخلية ، ويغفر للجان الشعبية بعض التقصير مقارنة بالظرف الاستثنائي ، ومفاجأة الحدث إلا أن ماقاموا به كان مذهلا بكل المقاييس ، وكنا نشهد ساعة بعد ساعة تطورا في الحس الأمني في التفتيش ، وكلمات السر ، وفحص المستندات ، والأماكن المخبأة، وتمييزالإشاعات ، وتمييز مجموعات الاستكشاف من اللصوص ، وكيفية التعامل مع الاختناقات المرورية وغيرها الكثير .

وعندما نتحدث عن الهيئة القومية للرأي العام ، فيجب أن نسوق تصورنا لطريقة عملها ، وارتباطها بمجلس الشعب المنتخب بحرية ونزاهة .

هذه الهيئة يشرف على نزاهة عملها هيئة قضائية مستقلة لاتتدخل في حرية الرأي ، ولكنها تضمن أن القائمين على عملياتها لا يتدخلون سلباً أو إيجاباً في سلامة محتوى الرأي أيا ماكان ويضمنون سلامة وصوله وتوثيقه ، وسلامة إحصائياته ، وضمان الرد عليه ، ومتابعة مايلزمه من أعمال تنفيذية .

يقوم على عمليات التشغيل هيكل إداري ، فني تتولى الحكومة تسليمه رواتبه من ميزانية الدولة نيابة عن الشعب ، إلا أنه لايعمل لدى الحكومة ، أو أي سلطة أخرى ويمنح كامل الحصانة داخل عمله ، حصانة تمنع أي جهة من التدخل بشكل مباشر أوغير مباشر ، إلا السلطة القضائية ، ويكون دور هؤلاء الموظفين ضمان عمل الهيئة بفروعها على مدار الساعة ، وضمان دخول المواطن لمقرها ، وسلامة الأجهزة المستخدمة لتوصيل الرأي ، والتأكد من أن صوت المواطن قد تم استلامه كما يريده هو دون تدخل في الصياغة ، وسلامة التوثيق ومنح صاحب الرأي مايفيد استلام صوته ، كذلك يقومون باستلام الردود إن طلبت وتسليمها لصاحبها، أو نشرها في حال المصلحة العامة ، كذلك توصيل طلبات الاستبيان والاستفتاء والانتخاب والتصويت للمواطنين في نطاقهم الجغرافي .
تقوم مراكز وفروع الهيئة بكافة أعمال
– استبيان الرأي العام
– انتخابات المجالس التشريعية والمجالس المحلية
– أي أعمال انتخابات عامة أخرى كالنقابات والجمعيات والنوادي حسب مايفصل القانون لاحقا
– استقبال طلبات الاستبيان من المواطنين سواء الاستبيان العام الذي قد يطلب فيه طالب الاستبيان رأي محيطه الصغير أو رأي الحكومة أو رأي كامل الشعب وعندها يجب عمل تصنيفات معتمدة يتفق عليها الشعب تصنف مايستدعى إليه الشعب كاملا أو فئة معينة أو غيره من التفصيلات الكثيرة
– ضمان إصدار دليل الإجراءات الخاص بالهيئة ، ووصوله ليد المواطن صاحب الرأي ، وضمان وصول كافة التعديلات عليه والتأكد من تنفيذها حرفيا .
– سلامة الأجهزة المستخدمة والتأكد من جاهزيتها دائما لاستقبال رأي المواطن
– متابعة الأجهزة التنفيذية لاستعجال الردود والتأكد دوما من توصيل السبب الحقيقي لأي تأخير أو رفض
– التأكد دوما من عدم تحول الموظفين العاملين لسلطة نافذة تستغل وضعها لمصالح شخصية
– تقديم مقترحات فنية ومهنية لتطوير الرأي العام وعرضها على الشعب للموافقة عليها وإقرارها
– القيام بأعمال التعداد السكاني والتأكد من عدم وجود من لم يحصل على رقم قومي للتأكد من عدم وجود أي فرد غير قادر على توصيل صوته
– التواصل مع المواطنين الذين لايبدون آراءهم ودراسة أسباب سلبيتهم ، ومحاولة الوصول لأسلوب علمي يشجعهم على التفاعل مع المجتمع ، واضعين في الاعتبار أن آراء الممتنعين غالبا ماتحتوي على آراء متقدمة جدا عمن يبدونها بسهولة
أما دور أعضاء المجالس النيابية والمحلية فسيكون دورا فاعلا في هذه الهيئة ، حيث أن المقر الرسمي لهؤلاء الأعضاء سيكون داخل فرع الهيئة ، ولا يكون مكتبا مغلقا ، وإنما صالة إجتماعات يجلس فيها لناخبيه لمناقشة طلباتهم العامة والشخصية ، بأسلوب متحضر يعلم معه بأنه خادم للشعب ، ويجب أن يتأكد هنا كل عضو نيابي بأنه تخلى عن جزء كبير من حياته الخاصة يوم أن قرر الترشح ، ويكون دور الهيئة هو تقديم الدعم الفني للنائب لأداء مهامه ، والتأكد بأن وجوده لممارسة خدمة الناخبين ، وليس لإدارة فرع الهيئة .
وسائل توصيل الرأي : في غير ماتقتضيه الدواعي القانونية المحددة من التوثيق الورقي للأصوات ، فإن استخدام أجهزة الحاسب ، والبريد والموقع الإلكتروني ، والهاتف ، والتسجيل الصوتي والكتابة المباشرة تصبح هي وسائل توصيل الرأي ، مع كل مايمكن استحداثه بعد ذلك بل يجب التأكد من أن كل شخص غير قادر على الحركة يصل إليه موظفي الرأي بناء على طلبه لأخذ رأيه وتوثيقه

ختاما أحب أن أؤكد بأن الإسم المقترح للهيئة ليس هو الإسم النهائي ، وأنما يجب أن يكون الإسم من اختيار المواطنين حتى لا يشكل حائلا بينهم وبين إبداء الرأي

دعوة لمسيرة شباب الثورة من الإسكندرية إلى ميدان التحرير

يسعى النظام المتآكل المهترئ من داخله إلى تكريس صورة أن “المتظاهرين” كما يسميهم في ميدان التحرير ماهم إلا قلة من الشعب المصري لاتعبر بالضرورة عن رأي غالبيته مستغلاً بذلك عدم مقدرة القنوات التلفزيونية على تغطية كامل مساحة القطر المصري، ومع إيماننا الكامل بأن ميدان التحرير بمن فيه أصبح رمزاً وقيادةً لثورة الشعب المصري العظيم ، إلا أننا يجب أن لانترك للنظام الفرصة للانقضاض على ثورتنا .

من هنا كانت دعوتي لكن شباب الإسكندرية الشرفاء للخروج في مسيرة سلمية سيرا على الأقدام متجهة من الإسكندرية إلى ميدان التحرير مساء غد الجمعة حاملين العلم المصري فقط دون إي شعارات أخرى ، حزبية أو دينية أو فئوية .

هدفنا أن ندخل القاهرة بمسيرة مليونية ينضم إليها كل إخوتنا الشرفاء الواقعة مدنهم وقراهم على خط سيرنا حتى نؤكد للعالم أن هذه الثورة ماقامت لتخمد ، وأنها على الرغم مما قد يعد سلبية كونها بلا قيادة محددة ، إلا أنها تنشئ فكراً جديداً في علم الثورات القائمة على قوة الشعب الواعي ، وكما قلت سابقاً هذه الثورة إستثناء الاستثناءات ، قام بها شعب استثنائي في وطن استثنائي لهذا هي ثورة مصر.

نوجه من خلال المسيرة رسائل ، أولاها لمصر أن الله أخرج من رحم هذا الشعب الذي ظل مهاناً لعقود شباباً وفتية وفتيات يردون له كرامته سلماً لامحاربةً .
ورسالتنا الثانية للنظام مفادها أنكم بغبائكم أنتم ومن زين لكم الظلم أخرجتم أنفسكم من الدائرة المصرية ، ووضعتم مصيركم تحت أقدام شباب بعمر أحفادكم ، فلا تتباكوا على ماض مشكوك في صحته وأساسه.
ورسالتنا الثالثة لأعدائنا في الخارج أنكم راهنتم على الحصان الخاسر .. نظام هش أنتم بغيكم نفختم فيه من روحكم الواهنة فأضعفتموه وأضعف مواقفكم حتى خرجت من تحت الرماد جذوةً أشعلت ناراً أحرقته وستستعر حتى تصل لعقر بابكم قبل أن تفكروا لحظة في الانقضاض على مصر ورجالها ونساءها ، وعندما نقول أنها ستصل إليكم نؤكد أننا لن نشغل بالنا بالتحرك من دارنا –لانشغالنا ببناء وطن ساهمتم في هدم أركان كثيرة فيه – ولكنها النار التي يتسارع اشتعالها فتأكل الهشيم بأسرع مما تظنون وستكون من داخلكم ،
أما رسالتنا الرابعة والأخيرة فهي لشرفاء العالم ، لقد انتفض المارد المصري ويزيح الغبار عن نفسه ليعود لسابق عهده معلما وقائدا لكل شعوب الدنيا ، ولكن اعذرونا لن نكون متفرغين لثوراتكم لأننا سنكون مشغولين ببناء بلدنا التي هدمها الطغيان ، وتعليم شعبنا الذي تسبب الظلم بجهل أغلب أبنائه ، ولكننا لن نتوانى عن مدكم بدروسنا المستفادة ، ونصلكم بروحنا التي لن تخمد جذوة الثورة فيها ماحيينا ، ثورة على الظلم البغي والجهل والعدوان .

أما الرسالة الخاصة فنوجهها لإخوتنا رجال القوات المسلحة الشرفاء ، لقد أظهرتم معدنكم الأصيل منذ بدايات الثورة وأعلنتم وقوفكم في صف الشعب تذودون عنه وتحمون مقدرات الأمة ، لذا فإن مانتوقعه منكم أن تظلوا على هذا العهد ، ثابتين على سلمية مسيرتنا ، مؤكدين بأننا سنتبع كافة تعليماتكم ، إلا أن يطلب منا فض المسيرة فهذا ما لن يحدث.

ورسالتنا أيضا لرجال الشرطة الشرفاء منهم وإلى الذين يحزنني أن أقول عنهم غير ذلك ، ولكن الأيام الماضية أثبتت وجودهم ، للشرفاء أقول لقد وصلتني رسالة على هاتفي من وزارة الداخلية نصها ” الشرطة لن تكون إلا في خدمة الشعب وحمايته” وهذا ما نرجوه منكم ، ونتوقعه خلال مسيرتنا ولن أزيد على ذلك .
ولمن هم غير ذلك فاعلموا أن الشعب المصري تفوق أعداده ماتعلمون ، ولانعدام خبرتكم في مواجهة الثورات ، فإن الثوار تتغير جيناتهم الوراثية حتى يصبح درعه هو روحه يحملها على راحتيه ، لايقيم بالا لموته أو إصابته ، ودماؤنا ليست أغلى علينا من الآلاف التي سفكت مابين شهيد وجريح ، نستطيع أن نقاوم وأنتم تعلمون خصوصا شعب الإسكندرية وعموما شعب مصر ، فما موقعة الثامن والعشرين من يناير منكم ببعيد ، فقد دمرت كل أقسام الشرطة ومبنى المحافظة وغيرها في أقل من أربع ساعات ، واليوم نجد قياداتكم يجلسون في الشارع مستخدمين إمكانيات جيرانهم حتى ينتهي ترميم مقاركم ، إلا أننا لن نقاوم ، لأننا نعلم أننا مانحن إلا ثلة قليلة من شرفاء مصر الذين سيأخذون بثأرنا إن نحن قضينا شهداء .
أما مسيرتنا غداً فستنطلق مساءً هدف توقيتها أن تصل بمشيئة الله مساء الأحد ، فإن وصلنا والوضع على حاله فنحن في ميدان التحرير حتى يزول النظام، وإن وصلنا والنظام زال أو إلى زوال فإنها ستكون أعظم ليالينا تلك التي نحتفل فيها مع شعبنا في ميدان التحرير.
مطالبنا هي ما استقر عليه مطلب الثوار منذ اليوم الأول ، ولن نعيد تفصيلها إلا أن أولها وأهمها زوال النظام الحالي بكل توابعه ، حتى يتسنى لنا أن نبني بلدنا على الصورة التي تشرفنا أمام أنفسنا أولا وأمام أبناءنا والأجيال القادمة ثانيا وأمام الدنيا في المقام الأخير ، وأؤكد هنا إلى أن الشرعية التي ستنتقل إلينا من نظام فاسد ، والمبنية على دستور تلاعب به كل من هب ودب ، مستنداً لمجالس نيابية كان رفضنا لها أحد أسباب ثورتنا فبئست الشرعية ، وليس لنا بها حاجة ، أما شرعيتنا فتلك التي خرجنا يوم الخامس والعشرين من يناير لنحصل عليها بسواعدنا .

نداء أخير لكل من يرغب في المشاركة في انطلاق المسيرة من أمام مسجد القائد ابراهيم أن يقابلنا هناك ، ومن يرى في نفسه الكفاءة للمساهمة في القيادة فليتصل بي .

حمى الله مصر من كل شر وسوء ، وجعل ثورتنا بداية عهد جديد لكل الدنيا .

إستثناء الاستثناءات

الثورات حدث استثنائي ، وعندما تأتي في مكان وزمان إستثنائيين ومن رجال ونساء استثنائيون ، فإنها تكون ثورة شباب مصر
أما والثورة تتعرض لضغوط لإجهاضها ، فإننا جميعا يجب أن نتكاتف مستميتين لحمايتها والذود عن رجالها وبناتها الذين مازالوا يضعون أرواحهم على أكفهم في سبيل هذه الأمة ، التي عاشت عقودا بل ربما قرونا في غياهب تخلف حضاري ثوري.

لن أتحدث عن قيام الثورة ولا عما أحدثته في نفس المواطن المصري والعربي ، فالتاريخ سيفرد مجلدات بأكملها للحديث عن ذلك ، ولكني سأتحدث عن قيادة فلول المعسكر المقابل الذين هدفت الثورة لإزاحتهم ، فطار منهم من طار مبكرا ، واحتجز بعضهم ، وبقي منهم من بقي ، بعضهم توارى عن الأنظار ، ومازال كبيرهم مع ثلة منهم يكافح في سبيل البقاء .

لقد لعب النظام على وتر حساس ، وحقيقة فوجئت كثيرا عندما أفرد للعواطف هذه المساحة الكبيرة ، واتخذت محاولات الإجهاض في المرحلة الأخيرة أسلوب الإقناع العاقل المتباكي على تاريخ الرجل ، العسكري والمدني ، وكأن هذا النظام مازال لايفهم طبيعة هذه الثورة ، وطبيعة رجالها الذي أظهروا رحمة بالبلاد والعباد أكثر مما أبداها هو وأسلافه على مدار عقود .

هؤلاء عندما أخرجوا ثورتهم لم يكن في حساباتهم أنهم يواجهون رجلا له تاريخ عسكري ، فأكبرهم سنا لم يكن ليعي الأحداث يوم قام بالضربة الجوية التي مازال يصر على إذلال الشعب بها ، مع أن بعض المؤرخين ينكرون عليه ذلك ، أيضا كثيرون ممن قاموا بالثورة لايعرفون عن طابا – التي كانت آخر أرض استردها المصريون بالمفاوضات في عهده – إلا أنها أرض مصرية محرم على كثيرين منهم الدخول إليها .

إذا فالتاريخ العسكري ، وصورة الأب والجد ، وكبير العائلة ، وما إلى ذلك من ترهات الجدل المتخبط الذي أثبت يقينا أن هؤلاء ماهم إلا بقايا نظام هش ، أثخن بدن الشعب جراحا حتى استكان ، فظل النظام بغباءه ينكأ هذه الجراح ليتأكد من موت الشعب فما كان إلا أن تحرك إصبع يد واحدة ، أفزعت النظام ورجاله ، فهرب من هرب ، واختبأ منهم من واتته الفرصة ، ومازال جهابذتهم يصرون بغبائهم على بتر تلك الإصبع عل الأمور تعود إلى نصابها التي يعرفونها ، نعم لقد تحرك إصبع واحد من جسد هذه الضحية ، وهذا الإصبع حرك الدماء في عروق الأمة ، وقاوم الطغيان ، وتحسس كثيرا من جراح هذا الجسد ، ومازال ،لقد أعطوهم فرصة عمرهم للهرب ، ولكنهم بغبائهم الذي ماعهدنا غيره فيهم ظلوا مصرين على البقاء.

وحتى أدلل على جزء من هذا الغباء ، مالذي سيفعله مبارك يوم أن يجد تحقيقات الفساد ساقت من ضمن ما ستأتي من وقائع بأسماء زوجته المصون ، وولديه المراهقين فكريا وسياسيا وحتى في مجال الأعمال التجارية – الذي اقترح أحدهم يوما تحويل البلد إلى شركة مساهمة عامة – ، ماذا سيفعل ، بالطبع هم في دولة لا تسلم المجرمين خصوصا إذا كانوا يحملون جنسيتها ، وبالتالي إما أننا سنجده في غفلة منا غادر إلى غير رجعة مضحيا بالبلد ، وغير مكترث للفراغ الدستوري ، واضعا تاريخه العسكري تحت قدميه وأقدام العالم كله ، ولهذا قلت منذ أيام فراغ رئاسي الآن ونحن مستعدون له خير من فراغ دستوري سيحدث غالبا في الفترة من أبريل حتى سبتمبر وسيكون بفعل فاعل .

ولهذا عندما أفكر في هذا العناد الغريب الشكل من النظام على بقاء الرئيس في المشهد السياسي حتى إجراء انتخابات الرئاسة لاأجد إلا أننا أمام صور غريبة أحصي منها مايلي وقد تظهر صور أخرى لاحقا

– إما أن هذا الرجل مازال في وعيه ومصر على غيه وعناده بناء على تقارير مغلوطة من تلك التي “اعتادوا” أن يقدموها له كل صباح مع جرعات الدواء المخدر خصوصاً في ظل وجود الاستوديو الخاص الذي يقدم له نشرة أخبار خاصة كما كان يشاع سابقاً، ومن ناحية أخرى يقوم بأعمال الدبلجة لأحاديثه قبل أن تخرج للعلن .
– وإما أننا أمام مجموعة جديدة من الحالمين بإنهاء عملهم العام بمنصب يوضع في سيرتهم الذاتية ، مستغلين رجلا تخلت عنه عائلته قبل أن تتخلى عنه الظروف ، هذا إذا سلمنا بأننا نتعامل مع نفس الشخص الذي تولى الحكم في عام 1981 ، وليس كذبة كبيرة من أكاذيب السيدة الأولى وأبنيها ، وما أقوله هنا ليس بجديد فقد تداولته صحف أجنبية ، وتم تقديم بلاغات للنائب العام بأن الرجل في ذمة الله منذ 2004 ، ولم نسمع رداً عليها لا صحفياً ولا قضائياً ، وإن كان ما نقوله في هذا الصدد ضرباُ من الجنون ، فأين هي ضروب العقل في كل ماحدث ويحدث الآن ، وإذا كان النظام جاداُ في تبرئة ساحته من كل التهم الموجهة إليه ، فليثبت من ضمن مايثبت خطأ إدعائنا هذا ، وإن كان لايعلم كيف يكون ذلك فليكلف لجنة محايدة تقوم بمقارنة خط الرئيس يوم توليه الحكم مع خط الماثل أمامنا الآن ، كذلك إجراء فحص الحمض النووي له ولعائلته ،وما صدام وأشباهه المتعددين عنا ببعيد .
– أو أننا وللأسف الشديد أمام لوبي سياسي تجاري يتلاعب بنا كما اعتدنا أن يفعل بنا ، وهذا اللوبي يدير من الخفاء عجلة الحكم في إطار صفقة مع أقطاب النظام المتهالك مقابل استمرار استفادتهم من مقدرات هذا الوطن ، وفي جميع الأحوال ماستظهره الأيام القادمة سيكون كفيلا ليس بإزاحة الرئيس فحسب ، ولكن ربما يصل للمطالبة بإعدام أغلب أقطاب ورموز الحكم الذين مازالوا مصرين على البقاء ، مراهنين على عاملي الوقت ، وطيبة الشعب المصري.
إن أخشى ماأخشاه أن يتم استدراج الجيش إلى مواجهات ليس مستعداً لها ، فالفترة القادمة ربما تبدأ عمليات عسكرية بين مصر وإسرائيل حتى يتم تثبيت هذا النظام الهش بدعوى وجود مواجهات ، فإسرائيل هي المستفيد الوحيد من بقاء النظام على صورته الحالية ، خصوصاُ إذا علمنا أنها قد استبدلت رئيس أركانها خلال الأيام الماضية ، ولذلك أؤكد بأن الثورة لايجب أن تكون ميدان التحرير فقط ، وإنما هي في كل أركان مصر ، وكما ظهر شرفاء في ميدان التحرير فلابد أن يظهر الشرفاء في أرجاء مصر أنفسهم وأن يكفوا عن الهتاف والصراخ ، وأدعو خالصا مخلصا لإنشاء هيئة مستقلة متطوعة من شرفاء مصر بعيدة عن الهتاف والصراخ وبعيدة عن الإعلام تقوم بتحليل ودراسة ماحدث ويحدث وماسيحدث في مقبل الأيام، بعيدا عن لجنة الحكماء ، وأقترح أن تسمى هيئة الدراسات والبحوث ، تقوم بدراسات الرأي العام ، ودراسة تحركات وردود فعل الدول والمنظمات ومؤثرات الأحداث على العالم وعلى مصر ، وتقوم بوضع السيناريوهات لما سيحدث لأن الوضع قابل للالتهاب والانقلاب في أي لحظة ، ويكفينا أن نقرر أن مواجهات يومين أو ثلاثة أسفرت عن مئات الشهداء وأضعافهم من الجرحى ، بالإضافة للخسائر الاقتصادية لمصر والمنطقة ، فتقديرات خسائر المنطقة في الأيام الأربعة الأولى تجاوزت الثلاثة تريليونات دولار بسب تقلبات أسعار العملات والبترول والمعادن والعقارات والأسهم ، وبسبب تخفيض التصنيف الائتماني ، وغيرها من العقود التي تأجلت أو ألغيت .
أردت أن أسوق ماتقدم حتى يعلم الجميع أن الأزمة ليست الآن أزمة رئيس لانعلم حقيقة من هو ولا أين هو، وليست أزمة نظام هش مازال يكافح وينافح ليضمن البقاء لأطول فترة ممكنة ، وإنما هي أزمة أرض يقيم عليها شعب يطمع الجميع في أن يظل ملازما للصمت ، سهل القياد حتى يحمي بوابة إسرائيل الجنوبية ، ويبث روح الخور والخنوع في المنطقة ليسهل حماية باقي بواباتها ، والسبب ليس إسرائيل في حد ذاتها ، فما أسهل من إنشاء أكثر من إسرائيل في المنطقة ، وإنما بسبب الموقع الاستراتيجي الذي يسهل منه الوثوب على أي نقطة اضراب في العالم بالإضافة لمواردها الطبيعية .