حرب الشوارع على الأبواب

ماتمنيت أن أسمعها من مصري أبدا
“‎‏ أنا أتمنى يبقى فيه حرب شوارع فعلا ويموت كتير من اولاد الوسخة جيش وشرطة فيها، بس ده حتى الان مش واقع، وكمان مرفوض من اغلب الثوار”

أنا بطبعي لا أحب أن أدخل في جدال مع أي شخص كان ، ولن يحدث ، وتلاحظون أنني حذفت إسم قائلها ، فقط حتى لا أدخل في حوار معه أو مع أي ممن ينحو نحوه .

ولكن الكارثة التي من المؤكد لايعلمها الكثير ، أن هذا هو السيناريو المرسوم لمصر ، ليس على طريقة إحدى القنوات وصاحبها الذي أصبح مادة للتندر بين كثير من المصريين ، ولكن منذ اليوم الأول وكثيرون يعلمون أن هذا الهدف الذي قامت من أجله الثورة ، وهنا يجب أن أؤكد أنني لا أٌخون من قاموا بالثورة ، أو من انضموا إليها لاحقا ، ولكن أقول أن توجيه الرأي العام ، بالإضافة لبعض الخيانات والعمالات من الداخل والخارج كان لها دور مهم في إدارة بعض تحركات الثورة على مدار عام ، حتى وصول الإسلاميين في كل من مصر وتونس وليبيا كان على الأقل محسوبا بشدة في مطابخ المؤامرة التي لايهمها في المرحلة الحالية إلا مصر ، وكلنا نعلم ذلك ، فما توقيت ثورتنا المباركة بصدق بعد استفتاء تقسيم السودان إلا جزءا مهما من هذه المؤامرة ، أقول حتى وصول الإسلاميين لمطبخ القيادة محسوب ، وربما أظنهم من الفطنة بمكان أن لايصلوا هم أو أحدا من طرفهم لمنصب الرئيس ، أو ربما هو محض توجيه من الله سبحانه وتعالى للأحداث حتى لا يتورطوا فيما لاتحمد عقباه .

مصر الآن محاطة من جوانبها الأربع بمن يتربصون بها ، فإسرائيل العدو التقليدي للشعب المصري من شمالها الشرقي ، ومن الغرب ليبيا مثخنة الجراح غير قادرة لفترة على حل مشاكلها ، وبالتالي ستكون مرتعا لمن يريدون لها أن تكون بوابة يقفزون بها على مصر ، والسودان من الجنوب قد تقسم ، وبطبيعة الشمال السوداني الشاسع الحدود مع ماهوفيه من مشاكل إقتصادية ، وسياسية واجتماعية أصبح نقطة ضعف في خاصرتنا .

إذا مصر هدف في حد ذاتها ، وكما قلت في إحدى المرات نحن لانفلح في شيئ كما نفلح في تفريغ الأمور من محتواها ، فإن مصر ومعها المصريون جميعا سيظلون في دوائر الفقر والجهل والفوضى وتضارب الآراء ، مادامت قياداتها لاتعي مايحاك لهذا البلد ، أو أنها تعي ولكن لقلة إمكانياتها ليست المادية فقط كما يصورون لأنفسهم ، ولكن ضعف مواردهم من المفكرين الاستراتيجيين الذين تدربوا على ألاعيب الشيطان ، فمفكرونا للأسف لايهمهم إلا عدد البرامج التي سيقضون فيها مساءهم وسهرتهم محللين أحداثا يومية يحللها مستخدموا المواصلات العامة في حواراتهم الجانبية أحيانا بشكل أرقى بكثير منهم

نعم مصر دخلت في دائرة من الغباء والسفه والعمالة والخيانة لاتعلم ولن تعلم لوقت طويل من أين تأتيها الضربات ، وإن لم ينتبه المصلحون أيا ماكانت أيدولوجياتهم للأمانة الملقاة على عاتقهم فللأسف سيلحقون بغيرهم ، وسيكونون هم سببا في في بعد تياراتهم عن ساحة الحدث عندما يجد الجد ، وخصوصا الإسلاميون ، الذين لديهم ميزة أنهم تدربوا على العمل تحت الضغط وفي الخفاء ، وللأسف ليس لديهم ميزة العمل في العلن ، لأن الضغط عندها يكون أكبر ، والضرر أعمق .

إن الدوائر المغلقة التي دخلت أو أدخلت فيها مصر ستجعلها لعقد قادم غير قادرة على قيادة نفسها فضلا عن قيادتها للأمة ، وعلى قدر ماسيسبب هذا من ضرر لمصر ، ومن أضرار لمنطقة الشرق الأوسط ، فإنه سيسبب دمارا رهيبا للعالم بأسره وخصوصا أوروبا التي هي عدو كامن لأميركا غربا ولروسيا شرقا ، ولهذا تفصيل آخر لامجال له الآن .

الخبر الذي ربما يكون مفرحا في خضم كل هذا السواد أن مصر في خلال هذا العقد من الزمن وربما على أقصى تقدير في نهايته ستوضع على المحك ، عندها سيميز الله الخبيث من الطيب ، وستنتفض مصر إنتفاضتها التي ستقود ليس منطقة الشرق الأوسط فحسب ، ولكنها ستقود العالم لنهضته الجديدة ، وللأسف هذا مايرعب المتخلفين من قادة العالم ، فهم يعلمون أن هذه الأرض لطبيعة أرضها وموقعها الجغرافي منحت أهلها على مدار التاريخ قوة جبارة ، تفرض العدل وتقهر الظلم ،دون أن تسبب دمارا شاملا ، بل ولم تخرج من مصر في عز سطوتها قوة تحتل الآخرين، ولكن قدرها أنها لا تستطيع أن تستمر في القيادة لفترة طويلة ، ربما أيضا لطبيعة أهلها التي جبلوا عليها ، فما أن يركنوا للدعة حتى تتفلت الأمور من بين أناملهم .

نعم ستقوم حرب شوارع ، وربما قامت في بعض الأماكن ، ولكن كعادة هذه الأجيال التي دربها الغاشمون على تحمل الأهوال ، ففقدوا القدرة على التسليم بالحقيقة الواقعة ، إن كل مايحدث ماهو إلا مسكنات تقتل في نهاية الأمر الشعور بالألم ، وربما وهم يقومون بذلك متوهمين أن هذه المسكنات ستجعلنا في النهاية نسلم بالأمر الواقع ، ولكنها في الواقع تريح الجسم من الأهوال حتى يلملم أثخان جراحه ، وينتفض إنتفاضته الكبرى .

نعم كلام ربما في بعض مضمونه حالم ، ولكن من قال لكم أن قادة العالم – وبالتأكيد لم ولن أكون أحدهم – من قال لكم أنهم لا يحلمون

أضف تعليق